السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قلعتان سوريتان تنضمّان الى لائحة التراث العالمي
انجزت وزارة الثقافة السورية كل الخطوات اللازمة بالتعاون مع منظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو) لتسجيل قلعة صلاح الدين شرقي مدينة اللاذقية وقلعة الحصن في مدينة حمص على لائحة التراث العالمي في المنظمة.
وتأتي خطوة وزارة الثقافة السورية هذه استكمالا لاستراتيجيتها الرامية الى تسجيل ارثها الحضاري من المدن والمواقع التاريخية والاثرية في منظمة اليونيسكو للتعريف بهذا الارث عالميا وللترويج لها سياحيا.
وتهدف ايضا الى استقطاب المنظمات والمؤسسات العالمية المتخصصة بتقديم المساعدة لترميم الاماكن الاثرية للحفاظ عليها كمعالم حضارية وعمرانية تمثل عصورا عدة من العصر البيزنطي حتى العهد الاسلامي.
يذكر انه تم تسجيل مدن سورية عدة ضمن المدن والمواقع التاريخية والاثرية في منظمة (يونيسكو) مثل مدينة دمشق التي تعتبر من اقدم المدن والعواصم في العالم ولا تزال مأهولة بالسكان ومدينة تدمر الصحراوية ومدينة حلب شمالي البلاد ومدينة بصرى الشام الجنوبية.
وأكد مدير الأبنية التاريخية في وزارة الثقافة السورية غزوان ياغي ان تسجيل هاتين القلعتين على لائحة التراث العالمي يأتي لاهميتهما التاريخية حيث تعد قلعة الحصن من اعظم القلاع واشهرها في العالم كله وهي فريدة بهندستها الرائعة.
واضاف ان قلعة الحصن تحتل موقعا استراتيجيا مهماً يسيطر على مدخل مدينة حمص وسط سوريا وتتربع على ذروة تل ارتفاعه 750 مترا عن سطح البحر متشعب عن جبال العلويين في اواسط سوريا على بعد 60 كيلومترا عن مدينة حمص في منتصف الطريق بين حمص وطرابلس.
واوضح ان اساسات القلعة وضعت من قبل امير حمص في عام 1031 وشغلتها جالية كردية عسكرية ثم احتلها الفرنجة عام 1099 لفترة قصيرة مشيرا الى ان القلعة تم ترميمها مرات عدة نظرا لتعرضها للزلازل حيث اعيد تعميرها عام 1157 ميلادي.
كما تم تعمير القلعة للمرة الثانية في عام 1167 بعد تضررها جراء زلازل ضربت المنطقة في ذلك العام ورممت للمرة الثالثة في عام 1201، وهاجم الظاهر بيبرس القلعة في عام 1270 ووضعها تحت حكم صارم الدين قايماز الذي قام بأعمال اصلاح واسعة فيها، وظلت تستخدم في اواخر العصور الوسطى وشغلها الانتداب الفرنسي خلال فترة الانتداب على سوريا.
وتتألف قلعة الحصن في شكلها العام من سورين احدهما داخل الاخر ويشرف على كل منشآته وبينهما خندق تكمله ارض شديدة الانحدار، وتحمي السور الخارجي للقلعة مجموعة ابراج ضخمة مستديرة أو مربعة الشكل تتوزع على محيطه وهي متعددة الطوابق وسميكة الجدران تدعمها من الخارج جدران استنادية سطوحها منحدرة ومقاومة للزلازل ولأعمال التخريب والتلغيم.
ويتألف الحصن الداخلي من قلعة قائمة بذاتها شيدت فوق قاعدة صخرية مرتفعة يعزلها عن السور الخارجي خندق عريض في الصخر كسيت جدرانه برخم من الحجارة المنحوتة، ويملا قسما من الخندق بالماء ويطلق عليه اسم "البِركة"، ويشرف الحصن الداخلي على السور الاول ومنشآته اشرافا تاما ويسيطر على الارض المحيطة بالقلعة كلها.
ومن جهة اخرى قال ياغي ان "قلعة صلاح الدين تقع شرقي مدينة اللاذقية الساحلية وتنتصب على ارتفاع 400 متر عن سطح البحر فوق قمة صخرية محاطة بواديين عميقي الغور يجري فيهما سيلان يتجمعان سويا تحت قسمها الغربي، وهي في منظرها العام اشبه ما تكون بمثلث متساوي الساقين".
واضاف "تعود الاثار المعمارية الموجودة داخل القلعة العلوية جزئيا الى العهد البيزنطي وجزئيا الى العهد الفرنجي ولكن معظمهما يعود الى العهد العربي فهناك مسجد بالاضافة الى حمامات وفق الطراز العربي".
واشار الى ان للقلعة تصميما هندسيا عسكريا جميلا نظرا لوجودها فوق جرف صخري ولها منحدرات عمودية تحميها خنادق طبيعية عميقة، حيث يفصلها اخدودان عميقان عن باقي الهضبة من الشمال قناة منحوتة في الصخر طولها 1.5 كيلو متر وعرضها 1.8 وعمقها حوالي 2.5 كيلومتر.
واعتبر ياغي القلعة من أشهر القلاع الضخمة على الساحل السوري مضيفا ان "صلاح الدين الايوبي حررها من الفرنجة عام 1188 مؤكدا ان وزارة الثقافة السورية تقوم بترميم العديد من المباني الاثرية والتاريخية في انحاء البلاد كافة للحفاظ عليها لتبقى الشاهد الحي على الاهمية التاريخية وعلى الحضارات المتعاقبة على سوريا".